responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 55
بالإغماض فِيهِ، وَنَظِيرُهُ إِضْمَارُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها [الْبَقَرَةِ:
256] وَالْمَعْنَى الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ لَهَا.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْإِغْمَاضُ فِي اللُّغَةِ غَضُّ الْبَصَرِ، وَإِطْبَاقُ جَفْنٍ عَلَى جَفْنٍ وَأَصْلُهُ مِنَ الْغُمُوضِ، وَهُوَ الْخَفَاءُ يُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ غَامِضٌ أَيْ خَفِيُّ الْإِدْرَاكِ وَالْغَمْضُ الْمُتَطَامِنُ الْخَفِيُّ مِنَ الْأَرْضِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي مَعْنَى الْإِغْمَاضِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أن المراد بالإغماض هاهنا الْمُسَاهَلَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ أَغْمَضَ عَيْنَيْهِ لِئَلَّا يَرَى ذَلِكَ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى جُعِلَ كُلُّ تَجَاوُزٍ وَمُسَاهَلَةٍ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ إِغْمَاضًا، فَقَوْلُهُ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ يَقُولُ لَوْ أَهْدِيَ إِلَيْكُمْ مِثْلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَمَا أَخَذْتُمُوهَا إِلَّا عَلَى اسْتِحْيَاءٍ وَإِغْمَاضٍ، فَكَيْفَ تَرْضَوْنَ لِي مَا لَا تَرْضَوْنَهُ لِأَنْفُسِكُمْ وَالثَّانِي: أَنْ يُحْمَلَ الْإِغْمَاضُ عَلَى الْمُتَعَدِّي كَمَا تَقُولُ: أَغْمَضْتُ بَصَرَ الْمَيِّتِ وَغَمَّضْتُهُ وَالْمَعْنَى وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا إِذَا أَغْمَضْتُمْ بَصَرَ الْبَائِعِ يَعْنِي أَمَرْتُمُوهُ بِالْإِغْمَاضِ وَالْحَطِّ مِنَ الثَّمَنِ.
ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ صَدَقَاتِكُمْ، وَمَعْنَى حَمِيدٌ، أَيْ/ مَحْمُودٌ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِالْبَيَانِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ غَنِيٌّ كَالتَّهْدِيدِ عَلَى إِعْطَاءِ الْأَشْيَاءِ الرَّدِيئَةِ في الصدقات وحَمِيدٌ بِمَعْنَى حَامِدٍ أَيْ أَنَا أَحْمَدُكُمْ عَلَى مَا تَفْعَلُونَهُ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً.

[سورة البقرة (2) : آية 268]
الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (268)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا رَغَّبَ الْإِنْسَانَ فِي إِنْفَاقِ أَجْوَدِ مَا يَمْلِكُهُ حَذَرَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ فَقَالَ: الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ أَيْ يُقَالُ إِنْ أَنْفَقْتَ الْأَجْوَدَ صِرْتَ فَقِيرًا فَلَا تُبَالِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ الرَّحْمَنَ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْطَانِ فَقِيلَ إِبْلِيسُ وَقِيلَ سَائِرُ الشَّيَاطِينِ وَقِيلَ شَيَاطِينُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقِيلَ النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَعْدُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الْحَجِّ:
72] وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَحْمُولًا عَلَى التَّهَكُّمِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْفَقْرُ وَالْفُقْرُ لُغَتَانِ، وَهُوَ الضَّعِيفُ بِسَبَبِ قِلَّةِ الْمَالِ وَأَصْلُ الْفَقْرِ فِي اللُّغَةِ كَسْرُ الْفَقَارِ، يُقَالُ: رَجُلٌ فَقِرٌ وَفَقِيرٌ إِذَا كَانَ مَكْسُورَ الْفَقَارِ، قَالَ طَرفَةُ.
إِنَّنِي لَسْتُ بمرهون فقر
قال صاحب «الكشاف» : قريء الْفُقْرُ بِالضَّمِّ وَالْفَقَرُ بِفَتْحَتَيْنِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَمَّا الْكَلَامُ فِي حَقِيقَةِ الْوَسْوَسَةِ، فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي تَفْسِيرِ (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست